منذ اطلاق مشروع "كنا وما زلنا" التوثيقي قبل ٧ سنوات تقريباً، تم جمع عشرات القصص من اللاجئين الفلسطينيين حول العالم وتوثيق منازلهم واصطحابهم اليها. كان منها المفرح وآخر مبكي،
لكن وبدون شك كان لقصة منزل عائلة الدقاق قبل ايام والمبني سنة ١٨٩٠ تقريباً في حي البقعة الفوقا بالقدس المحتلة الأثر الاكبر بل صدمة وذهول.
القصة بدأت من الكويت قبل عدة شهور بعد استضافة كريمة من لجنة "كويتيون لأجل القدس"، فبعد الانتهاء من المحاضرة التي القيتها لمجموعة كبيرة من الكويتيين والفلسطينيين المقيمين في الكويت، توجه لي رجلٌ فلسطيني أمريكي..
كيفك يا ابن البلاد انا اسمي ناصر الدقاق..
ـ دقاق القدس صح؟
وهون بدينا شغل الشبكات
ـ المناضل ابراهيم الدقاق شو بقربلك؟
ـ الك قرايب بوادي الجوز؟
ـ طيب المحلات اللي على باب القيامة؟
بعد جولة التعارف خبرني ناصر انه جدّه شكيب الدقاق إله منزل بالبقعه وعنده صورة قديمه للبيت بس مش عارف وينه وشو صار فيه ..
حكيتله بسيطه، ابعثلي صورة البيت وان شالله بس تيجي عالقدس بنروح نفتش عليه!
بالفعل اجا ناصر واولاده خالد وياسمين عالقدس .. الصورة القديمة كانت معي قبل بوقت وكنت شاكك بكذا موقع بس قلت ما بدي احسم وين البيت .. خلينا نطلع ونفتش عليه سوا.
التقينا بمكان قريب من باب العمود وتوجهنا لغرب المدينة، وصلنا سكة حديد القدس – يافا، مشينا بين البيوت العربية المسروقة وكالعادة انا ما سكتت وعملت درس تاريخ مدعوم بالصور.
وأخيراً لقينا البيت .. شارع فرعي مظلل بالشجر، مبنى ضخم من ٣ طوابق، حديقة جميلة جداً وفيها شجر عمره اكثر من ١٠٠ سنة.
سعادة غامرة على وجوه ناصر وخالد وياسمين وبعربي مكسّر كانوا يحكوا لأبوهم نيال سيدي اللي كان عايش بهالبيت، والله في بيوت بالقدس احلى من اميركا.
لحد هون الامور كانت مألوفة بالنسبة إلي خاصة ردات الفعل بعد ما الاقي البيوت والتقاط صورة "قبل وبعد" ..
بعد دقائق ظهرلنا عائلة بطريقهم لمدخل البيت .. حاملين اغراض وصناديق وعلى وجوهم ابتسامة عريضة ترحيبية..
· شلوم
- اهلاً انا اسمي طارق
· تشرفنا
- حضرتك ساكن بالبيت ؟
· شوف الصدفة انا اشتريت جزء من البيت واليوم اول يوم راح اسكن وانام فيه مين حضرتكم؟
- بعرفك على ناصر الدقاق، صاحب البيت !
صمت رهيب لمدة نص دقيقة ومفاجأة من العيار الثقيل..
بصراحة حسيت الوقت وقف .. شوي اتطلع على ناصر وبعدها عليه..
كيف هيك مش فاهم في مجال نحكي ..
- شايف هالصورة القديمة ؟ هون انولد واتربى والده لناصر وبنكبة فلسطين تهجروا من البيت.
صدقاً الموقف اللي انحطت فيه العائلة اليهودية لا تحسد عليه، بالرغم من كونهم لطيفين جداً ويساريين جداً وهمروا دموع جداً .. يعني بعد أشهر من البحث على منزل مناسب بالقدس ودفع مبلغ طائل جداً مقابله ولسا جاي حامل عفشك عم بتحطه بالبيت عشان تنام فيه ليلتك الاولى .. يطلعولك صحابه !